جلسنا يومًا على حدود غزّة الأبيّة
فترآى لي صنبورُ ماءٍ عينهُ قويّة
فناديتُ حارس البوّاب وسألته
هل الصّنبورُ معطّلٌ أم الماء صوتُ دفقاتها جليّة؟!!
نظر حارس غزّة يمنةً ويسرة وقال...
لا تسلني سَلْ من على حدود غزّة عطّل صنبور القضيّة
حملتُ جعبتي، وذهبت إلى سيّد الصنبور، فطرقت طرقتين في خفيّة
كان الظلامُ دامسًا، فاقتربت من نورٍ قد حرقته أشعة الشمس القويّة
فقلتُ لنفسي: أوقظي سيّد الصنبور أو ارحلي بالهوية!!
حاولت أن أمدَّ يديَ لطرق الباب، فدهشت أنّ البيت بلا بوّابةٍ لتُحيلَ دخول الحريّة!!
ناديتُ بأعلى صوتي، صاحب الصنبور يا سيدي، أين أنت؟
فإذا باهتزاز صفير الرّياح تكشف قطعة قماشٍ قد غطّى بها السّيدُ وجههُ من الرّياح العتيّة..
فلما عرف سيّد الصّنبورِ أنّ الرياح قد كشفت غطاء وجهه
قال: اقترب يا بنيّ، أخبرك قصة صنبور الماء والقضيّة..
كنا نعيش يومًا تحت سياط ذوي القربى الخسيّة
فجاءتنا أوراقٌ بمدادٍ أسود يستلزمُها توقيع صاحب اللّقمة الهنيّة
فانتفض الموقّع، وجفف بأنفاسه مدادَ الورق قائلاً من الذي باع غزّة الأبيّة!!
فإذا بفتيٍّ من ذوي القربى يقول: دعوا مجلس الرعيّة تحلّ القضيّة
كانت بيده مسبحةُ من ألف إلهٍ وألفٍ من فكرة خسيّة
وبين مطارق الرعيّة، نادى المنادي ملبِّيًا
أين صاحب اللُّقمة الهنيّة؟!
اقترب من جلوسك فإنك مدانٌ في محكمة جُحيْش معسكرُ الغربيّة
نظر صاحب اللّقمة يمنة ًويسرة، وقال: أين جلادكم وشاهدكم وقاضيكم؟!
فابتسمت الرعيّة وقالت: هو منكم من ذوي القربى الغبيّة
وبين هنا وهناك..
ارتفعت أصوات المحكمة في ضجّةٍ قويّة
فقال القاضي لصاحب اللقمة الهنيّة: علّمنا كيف نبيعُ القضيّة
رمق صاحب اللّقمة القاضي رمقةً كاللّيث ضريّة
وقال: أتعلمُ صنبور الماء عند حدود غزّةَ الأبيّة؟
قال القاضي متلعثمًا: نعم ما به الصنبورُ معطّل!!
فأجاب صاحب اللّقمة لا بل دفقاتُه قويّة
كبيْعكم للقضيّة!!
غضب القاضي، وطرق بمطرقته طاولةً من صنع أحبّتهم الغربيّة
وقال: أتهزأ بنا بصنبور ماءٍ قد تعطّل من شرب الرعيّة!!
فقال صاحب اللقمة: لا يا سيدي القاضي بل الرّعية قد ظمأت رغم دفقات الصنبور الجليّة
ولكن لا بأس إن أردتم سنزيدُ من صنبور المقاومة العتيّة!!
ومن هناك...
سنكمل قصَّتنا مع صاحب اللّقمة الهنيّة